للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدعي" (١)، وقوله "شاهداك أو يمينه" (٢) ولأنه قد أتى بالسبب الدال على صدقه فيما ادعاه فوجب الحكم به له، وإنما قلنا إن الآخر إذا أتى ببينة نظر إلى أعدلهما فرجحت على الأخرى، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما إن الزيادة في العدالة لا يقع بها ترجيح (٣)، لأن الشهادة تقف صحتها على العدالة وهي مبنية (٤) على الاجتهاد فكانت الزيادة فيها مطلوبة لأنها أبلغ في التوثيق وأقرب إلى صحة ما يشهد به، ولأن الشهادة أقوى من الخبر لأنه نص فيها على العدد فلم يقبل فيها قول العبد ولا المرأة بانفرادهما وفي الخبر لم ينص على عدد ولم يمنع في العبد ولا المرأة، ثم كانت صفة العدالة يقع بها الترجيح في الخبر فمن كان (أعدل وأوثق كان) (٥) أولى بأن يصار إلى خبره كان في الشهادة أولى ولا يلزم على ما قلناه زيادة لأنه منصوص عليه فأغنى عن الاجتهاد.

[فصل [٣ - إذا تساويا في الشهادة]]

وإنما قلنا إذا تساويا في العدالة سقطتا لأن إحداهما ليست بأولى من الأخرى فكانا كمن لا بينة معهما، وإنما قلنا تعرض الأيمان عليهما فلأن اليمين أحد الحجج للمدعي، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر حكم به للحالف لأنه قد ساوى صاحبه بالبينة وزاد عليه باليمين فكان أرجح منه، وإن حلفا قسم بينهما لأن التقادم إذا وجد لم يكن أحدهما أولى من الآخر لتساويهما فيما يقتضي الحكم به لمن يثبت له فلم يبق إلا ما قلناه، وقد قال مالك إلا أن يكون ذلك


(١) أخرجه البخاري في التفسير باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم}: ٥/ ١٦٦ ومسلم في الأقضية باب في اليمين على المدعى عليه: ٣/ ١٣٣٦.
(٢) سبق تخريج الحديث قريبًا.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٣٢٨، مختصر المزني: ٣١٢ - ٣١٣، المهذب: ٢/ ٣٣٤.
(٤) في ق: ويمين عليه.
(٥) ما بين قوسين سقط من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>