للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم: "الجمعة على من سمع النداء" (١)، ولأنه صحيح لو كان في المسجد لزمته الجمعة فوجب إذا كان على مسافة من المصر بحيث يسمع منها النداء أن تلزمه، أصله إذا كان في البلد لأنها مسافة يسمع منها نداء الجمعة بالمصر فلزم أهلها السعي إليها فهو من جملة من كان بأطراف المصر.

[فصل [١٢ - دليل التحديد بثلاثة أميال]]

وإنما حددنا بثلاثة أميال وما قاربها، خلافًا للشافعي وغيره ممن زاد في ذلك أو نقص (٢)، لأن تلك عادة ما يسمع منه النداء إذا كانت الرياح ساكتة والأصوات هادئة، وكان المؤذن صيِّتًا وذلك معلوم بالتجربة والعادة ممَّن جربه وامتحنه، وقد روي في بعض الأحاديث: "الجمعة على من كان من المصر على ثلاثة أميال" (٣) ولأن أهل العوالي كانوا يشهدون الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمره، وهم بالعوالي على ثلاثة أميال (٤).

[فصل [١٣ - الاعتبار بثلاثة أميال ولا مراعاة لمن زاد عن ذلك]]

إذا ثبت ذلك فالاعتبار بأن يكون بينه وبين موضع النداء من المصر هذه المسافة، ولا يراعي أن يكون بينه وبين طرف المصر ثلاثة أميال إذا كان بين طرف المصر وبين موضع النداء مسافة أخرى، لأن ذلك يوجب السعي إلى الجمعة من خمسة أميال و [أكثر] (٥)، وذلك غير واجب.


(١) سبق تخريج الحديث قريبًا.
(٢) انظر: الأم: ١/ ١٩٢، مختصر المزني ص ٢٦، الإقناع ص ٥١.
(٣) الأحاديث الواردة في هذا مرفوعة، فعن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أنه كان شهد الجمعة في الطائف وهو في قرية يقال لها: الوهط على رأس ثلاثة أميال (ابن أبي شيبة: ٢/ ١٠٤)، وعن عكرمة قال: تؤتي الجمعة من أربع فراسخ (ابن أبي شيبة: ٢/ ١٠٢).
(٤) أخرجه البخاري في الجمعة، باب: من أين تؤتي الجمعة: ١/ ٢١٧، ومسلم في الجمعة، باب: وجوب غسل الجمعة: ٢/ ٥٨١.
(٥) ما بين معقوفتين مطموس في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>