للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسن بعد الفراغ من دفنه أمور:

الأول: أن يرفع القبر عن الأرض قليلًا نحو شبر، ولا يسوى بالأرض، وذلك لِيَتَميز فَيُصَان ولا يُهَان، لحديث جابر رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألحد له لحد، ونصب عليه اللبِن نصبا، ورفع قبره من الأرض نحوا من شبر" (١).

الثاني: أن يجعل مسنما، لحديث سفيان التمار قال:

"رأيت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسَنَمًا" (٢).

الثالث: أن يعلمه بحجر أو نحوه، ليدفن إليه من يموت من أهله، لحديث المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه قال: لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسر عن ذراعيه، قال المطلب: قال الذي يخبرني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كأني انظر إلى بياض ذراعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حسر عنها، ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال: أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلى" (٣).

الرابع: أن يقف على القبر يدعوله بالتثبيت، ويستغفر له، ويأمر الحاضرين بذلك: لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" (٤).

ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن بقصد تذكير الحاضرين بالموت وما بعده، لحديث البراء بن عازب قال: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله، وكأن


(١) إسناده حسن: [الجنائز ١٥٣]، حب (٢١٦٠)، هق (٤١٠/ ٣).
(٢) صحيح: [الجنائز ١٥٤]، خ (١٣٩٠/ ٢٥٥/ ٣). ومعنى "مُسَنَّمًا" أي مرتفعا وتسنيم القبر خلاف تسطيحه.
(٣) حسن: [الجنائز ١٥٥]، د (٣١٩٠/ ٢٢/ ٩).
(٤) صحيح الإسناد: [الجنائز ١٥٦]، د (٣٢٠٥/ ٤١/ ٩).

<<  <   >  >>