للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خير لها وأكرم من طلاقها "وإن أمرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا" وهذا هو الصلح الذي أشرنا إليه.

ثم يعقب على الحكم بأن الصلح إطلاقا خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (١) أهـ.

ثم يحث الرجل على الإحسان إلى هذه المرأة الراغبة فيه ولذا تنازلت عن بعض حقوقها لتبقى في عصمته ويبين أن الله عليم بإحسانه وسيجازيه به فيقول {وَأُحضرِتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.

وسبب نزول الآية ذكره أبو داود من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت عائشة: يا ابن أختى، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفَرِقَت أن يفارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله، يومى لعائشة، فقبل ذلك - صلى الله عليه وسلم - منها. قالت: تقول في ذلك أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ وفي أشباهها" أراه قال {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} (٢) [النساء: ١٢٨].

[كيف الأمر إذا اشتد الخلاف بين الزوجين؟]

قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَفا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِقِ الله بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} (٣).

"ذلك- الذي ذكرناه لعلاج نشوز المرأة والرجل- حين لا يستعلن النشوز، وإنما تتقى بوادره فاما إذا كان قد استعلن، فلا تتخذ تلك الإجراءات التي سلفت، إذ لا قيمة لها إذن ولا ثمرة وإنما هى إذن صراع وحرب بين خصمين، ليحطم أحدهما رأس الآخر، وهذا ليس المقصود، ولا المطلوب، وكذلك إذا رئى أن استخدام هذه


(١) الظلال (٥٣٩/ ٢).
(٢) حسن صحيح: [ص. د ١٨٦٨] , د (٢١٢١/ ١٧٢/ ٦).
(٣) النساء: ٣٥.

<<  <   >  >>