للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الدرب الذى كنت أخرج منه إلى مجلسه ألفيته مغلقا وعسر علىّ فتحه، فقلت:

سبحان الله! أبكّر هذا البكور؛ وأغلب على القرب منه! فنظرت إلى سرب بجنب الدار فاقتحمته؛ فلما توسطته ضاق بى ولم أقدر على الخروج ولا على النهوض، فاقتحمته أشد اقتحام، حتى نفذت بعد أن تخرّقت ثيابى وأثر السرب فى لحمى حتى انكشف العظم، ومنّ الله علىّ بالخروج، فوافيت مجلس الشيخ على هذه الحال؛ فأين أنت مما عرض لى! وأنشدنا:

دببت للمجد والساعون قد بلغوا ... جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا [١]

وكابدوا المجد حتى ملّ أكثرهم ... وعانق المجد من أوفى ومن صبرا

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتّى تلعق الصّبرا

قال أبو نصر: فكتبناها قبل أن يأتى موضعها فى نوادره [٢].

وتوفى أبو نصر يوم الاثنين لأربع بقين من ذى القعدة سنة إحدى وأربعمائة بعد وفاة ابن الحباب بشىء يسير.

٨١٠ - هارون بن محمد بن هارون بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن هارون أبو غالب الأصبهانىّ الأديب «١»

أخذ الأدب والنحو من أحمد بن شهردان؛ وسمع من جدّه، وكان أديب أهل بلده ومفيدهم؛ وكان عفيفا مستورا من بيت الرئاسة؛ ومات رحمه الله بأصبهان فى أول رجب سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.


[١] الأبيات فى أمالى القالى ١: ١١٣ بروايته عن أبى بكر بن دريد عن بعض العرب.
[٢] ذكر القصة ابن بشكوال فى الصلة، وزاد: «وسلانى بما حكاه، وهان عندى ما عرض لى من بلل الثياب، واستكثرت من الاختلاف إليه، ولم أفارقه حتى مات- رحمه الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>