للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفضينا فى ذكر الحّفاظ، فذكرنا الزّهرى وقتاده ومررنا، فالتفت أبو عبيدة فقال: ما الغرض أيها الأمير فى ذكر ما مضى؟ وإنما نعتمد فى قولنا على حكاية عن قوم، ونترك ما نحضره. ها هنا من يقول: إنه ما قرأ كتابا قطّ فاحتاج أن يعود فيه، ولا دخل قلبه «١» شىء فخرج عنه، فالتفت الأصمعىّ وقال: إنما يريدنى بهذا القول أيها الأمير، والأمر فى ذلك على ما حكى، وأنا أقرّب عليه، قد نظر الأمير فيما نظر من الرّقاع، وأنا أعيد ما فيها وما وقّع به الأمير على رقعة رقعة، على توالى الرّقاع.

قال: فأمر، فأحضر الخازن الرّقاع، وإذا الخازن قد شكّها «٢» على توالى نظر الحسن، فقال الأصمعىّ: سأل صاحب الرقعة الأولى كذا واسمه كذا ووقّع له بكذا، وسردهم على التوالى، حتى مرّ على نيّف وأربعين رقعة، فالتفت إليه نصر ابن على فقال: يأيها الرجل، أبق على نفسك من العين. فكفّ الأصمعىّ.

٤٣ - أحمد بن عمّار بن أبى العباس المهدوىّ المغربىّ [١]

النحوىّ اللغوىّ المفسر. أصله من المهديّة من بلاد إفريقية. روى عن الشيخ الصالح أبى الحسن القابسىّ، ودخل الأندلس فى حدود الثلاثين والأربعمائة.

وكان عالما بالأدب، والقراءات، متقدما فيها، وألف كتبا كثيرة النفع، مثل كتاب التفصيل، وهو كتابه الكبير فى التفسير، ولما أظهر هذا الكتاب فى الأندلس قيل لمتولّى الجهة التى نزل بها من الأندلس: ليس الكتاب له، وإذا أردت علم ذلك فخذ الكتاب إليك، واطلب منه تأليف غيره. ففعل ذلك، وطلب غيره؛


[١]. ترجمته فى بغية الوعاة ١٥٢، وتلخيض ابن مكتوم ١٥، والصلة لابن بشكوال ٨٩ - ٩٠، وطبقات القراء لابن الجزرىّ ١: ٩٢، وطبقات ابن قاضى شهبة ١: ٢٢٧، وطبقات المفسرين ٥، ومعجم الأدباء ٥: ٣٩ - ٤٠. والمهدوىّ: منسوب إلى المهدية، بينها وبين القيروان مرحلنان؛ بناها أحمد بن إسماعيل المهدىّ على ساحل البحر. وذكر السيوطىّ أنه مات سنة ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>