للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أحمد بن يحيى ثعلب: كان أبو نصر صاحب الأصمعىّ يملى شعر الشّمّاخ؛ وكنت أحضر مجالسه؛ وكان يعقوب بن السّكّيت يحضرها قبلى؛ لأنه كان قد قعد عن مجالسهم، وطلب الرياسة؛ فجاءنى إلى منزلى، وقال: اذهب بنا إلى أبى نصر حتى نقفه على ما أخطأ فى بيت كذا، وصحّف فى حرف كذا- وأنا ساكت.

فقال: ما تقول؟ فقلت له: ليس يحسن هذا، نحن بالأمس نرى على باب الشيخ نسأله ونكتب عنه؛ ثم نمضى إليه ونخطّئه ونهجّنه! فقال: لا بدّ من ذلك؛ فمضينا إليه، فدققنا الباب عليه، فخرج الشيخ فرحّب بنا، وأقبل عليه يعقوب، فقال: كيف تنشد هذا البيت للشمّاخ؟ فقال: كذا. فقال: أخطأت. ثم قال:

وكيف تقول فى هذا الحرف من شعره؟ قال: كذا. قال: أخطأت. قال: فلما مر ثلاث أو أربع مسائل اغتاظ الشيخ، ثم قال: يا مصّان، «١» تستقبلنى بمثل هذا، وتقوى نفسك على مثل هذا، وأنت بالأمس تلزمنى حتى يتهمنى الناس بك! ونهض أبو نصر، فدخل داره وردّ الباب فى وجوهنا، فاستحيا يعقوب، فأقبلت عليه، وقلت له:

ما كان أغنانا عن هذا! فما نطق بحلوه ولامرّه. وقلت له: لا مقام لك ها هنا؛ تخرج إلى سرّ من رأى، واكتب إلىّ ما تحتاج إليه لأسأل عنه وأعرّفك إياه. «٢»

١٩ - أحمد بن عبد العزيز بن فرج بن أبى الحباب أبو عمر القرطبىّ النحوىّ [١]

من أهل العربية والأدب؛ كان أستاذا متقدّما لإفادة هذا الشأن، وكان مع حذقه ذا غفلة فى غير ذلك من أموره، وكان من نحاة الدولة العامريّة، لزم أبا علىّ


[١]. ترجمته فى تلخيص ابن مكتوم ١٠، وبغية الوعاة ١٤٠، والصلة لابن بشكوال ٢٠. وفى الأصل:
«فرحة»، وما أثبته عن الصلة وبغية الوعاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>