للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤثر، يأثرُه عن غيره. فنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا} الآيات (١)

عن جابر بن عبد الله، قال: اجتمعت قريش يومًا، فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرّق جماعتنا، وشتّت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمْه، ولينظر ماذا يردّ عليه فقالوا: ما نعلم أحد غير عتبة بن ربيعة. ققالوا: أنت يا أبا الوليد. فأتاه عتبة، فقال: يا محمَّد، أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أنت خيرٌ أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إِن كنتَ تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الآلهة التي عِبْت، وإن كنت تزعم أنّك خيرٌ منهم، فتكلّم حتى نسمع قولك، إِنا والله ما رأينا أشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرًا، وأنّ في قريش كاهنًا، والله ما ننتظر إِلا مثل صيحة الحُبْلى، أن يقوم بعضنا إِلى بعض بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل إِن كان إِنّما كان بك الحاجة، جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلًا، وأن كان إِنّما بك الباءة، فاختر أيّ نساء قريش شئت، فلْنزوّجْك عشرًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فرغت؟!. قال: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} إلى أن بلغ {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (٢).

فقال عتبة: حسبك حسبك، ما عندك غير هذا؟ قال: لا. فرجع إِلى قريش، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئًا أرى أنكم تكلمونه إِلا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٦)، وقال: (صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. والآيات من سورة المدثر ١١ - ١٣.
(٢) سورة فصلت، آية ١ - ١٣.

<<  <   >  >>