للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استماع الجنّ لقراءة النبيّ (صلى الله عليه وسلم)

فلما نزل بوادي نخلة اليمانية مرجعه إِلى مكة، قام يصلي من الليل، فصُرِف إِليه نفرٌ من الجنّ، فاستمعوا قراءته، ولم يشعرْ بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حتى نزل عليه قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (١).

هذا الذي ذكره كُتّاب السيرة النبوية أن استماع الجن لقراءته كان عند رجوعه من الطائف، والذي ذكره البخاري في صحيحه (٢)، أن استماعهم كان في أول البعثة عندما ذهب إِلى سوق عكاظ ومعه طائفة من أصحابه ولعل الحادثة تكررت.

وأقام بنخلة أيامًا، فقال له زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم، وقد أخرجوك؟ فقال: "يا زيدُ، إِنّ الله جاعلٌ لما ترى فرجًا ومخرجًا، وإنّ الله ناصرٌ دينه ومظهرٌ نبيّه" (٣).

فلما انتهى إِلى قرب مكة أرسل رجلًا من خُزاعة إِلى مطعم بن عدي: "أدخلُ في جوارك؟ ". فقال: نعم، ودعا بنيه وقومه، فقال: البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإِنّي قد أجرْتُ محمدًا، فدخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه زيد بن حارثة، حتى انتهى إِلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته، فنادى: يا معشرَ قريش إِنّي قد أجرتُ محمدًا، فلا يَهِجْهُ أحدٌ منكم.


(١) سورة الأحقاف، الآيات ٢٩ - ٣٢.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر ح ٧٧٣.
(٣) ابن القيم، زاد المعاد ٣/ ٣٣.

<<  <   >  >>