للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونام في فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مبال بما يصيبه في سبيل نجاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخطر.

٥ - الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة ولهذا أرخ بها المسلمون تاريخهم، ولم يكن انتقال الصحابة من أرضهم سياحة وإِنما خرجوا قسرا إِلى أرض ذات وباء تاركين أموالهم وأولادهم وأرضهم، لكن الله عوضهم خيرا، فصححها لهم وبارك لهم في مُدِّها وصاعِها.

٦ - أمانة المسلم ونظافة سلوكه جعلت المشركين يضعون ما يخافون عليه أمانة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد وفي رسول الله بذمته ولم يغدر بهم وهم أعداء، وقد أبقى عليًا ليرد الأمانات التي عنده إِلى أهلها.

٧ - من قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ندرك مصداق قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} (١)، فالوهن مزروع في كيد الكافر، ولا يمكن فصل الوهن من كيده، فالكفرة هنا بذلوا كل ما يستطيعون وأعلنوا الجوائز، وتسابق الناس يبحثون عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - طمعا في الجائزة، فقلبوا الحجارة وصعدوا الجبال وهبطوا الأودية حتى وقفوا على باب الغار، فصرفهم الله جل شأنه فلم يبصروهم وقد وقفوا عليهم (٢).

٨ - بقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغار ثلاثة أيام، وهو تجويف في الجبل مظلم موحش، مأوى للحشرات والهوام، ومع ذلك كان في طمأنينة وسكينة؛ لأن طمأنينة المؤمن في قلبه وسكينته في نفسه، ومتى استقر الإيمان وانشرح الصدر تحول


(١) سورة الأنفال، آية ١٨.
(٢) انظر: زيد المزيد، فقه السيرة النبوية ص ٣٠٦.

<<  <   >  >>