للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِن دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر ما رواه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مَدّ يديه فجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إِن تهلك هذه العصابة من أهل الإِسلام لا تعبد في الأرض، فمازال يهتف بربه مادًا يديه مستقبلًا القبلة حتى سقط رداءه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإِنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (١). فأمده الله بالملائكة (٢).

وعن الحكمة من اشتراك الملائكة في القتال يوم بدر بهذا العدد الكبير، مع أن جبريل -عليه السلام- قادرٌ على إِهلاك المشركين بريشة من جناحه يقول الشيخ تقي الدين السبكي: (سُئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فقلت: وقع ذلك لإِرادة الله أن يكون الفعل من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا على عادة الجيوش، رعايةً لصورة الأسباب وسننها التي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو مالك الجميع، والله أعلم) (٣).

ولما بدأ القتال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يباشر القتال بنفسه وفي ذلك يقول علي - رضي الله عنه -: (لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أقربنا إِلى العدو، وكان من أشد الناس بأسًا) (٤).


(١) سورة الأنفال، آية ٩.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١٢/ ٨٥.
(٣) ابن حجر: فتح البارى ٧/ ٣٦٤.
(٤) أحمد بن حنبل، المسند (تحقيق أحمد شاكر) ٢/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>