للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجمع لهم في الخطاب بين تشجيعهم وتقوية نفوسهم، وإحياء عزائمهم، وبين حسن التسلية، وذكر الحكم الباهرة التي اقتضت إِدالة الكفار عليهم، فأنتم وإن استويتم معهم في القرح والألم، فإِنكم قد تباينتم في الرجاء والثواب، فما بالكم تهنون وتضعفون لما أصابكم يوم أُحد وأنتم قد أُصبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي، في حين أن ما أصاب الكفار يوم بدر كان في سبيل الشيطان (١).

[من آثار غزوة أحد]

لقد كان من نتائج غزوة أحد وما حصل فيها من نكسة واستشهاد عدد من المسلمين تضعضع هيبة المسلمين في نفوس المشركين، فتجرأ الأعراب عليهم، وبدأوا في التجمع لغزو المدينة، ومن ذلك ما ظهر من تحركات عسكرية وتجميع للمقاتلة من قبل طليحة الأسدي في نجد، وخالد بن سفيان الهذلي في قبائل هذيل وحلفائهم، ولكن المسلمين تمكنوا من وأد تلك التحركات في مهدها.

حيث أغارت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيادة أبي سلمة بن عبد الأسد - رضي الله عنه - علي جموع طليحة الأسدي فتفرقوا لهول المفاجأة، وغنم المسلمون معسكرهم وماشيتهم (٢).

وأما خالد بن سفيان الهذلي، فقد أرسل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد مغاوير الصحابة وهو عبد الله بن أنيس الجهني - رضي الله عنه -، فتمكن من قتله وإِخماد فتنته (٣).

لقد كانت الدعوة إِلى الله في ظل تلك الظروف العدائية محفوفة بالمخاطر، لا سيما أن قريشًا لم تتوقف لحظةً واحدة عن تأليب القبائل العربية على المسلمين، ومع ذلك فقد كانت الدعوة إِلى الله هي الشغل الشاغل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم كثرة المعوقات، وكان


(١) ابن القيم، زاد المعاد ٣/ ٢٢٢.
(٢) ابن سعد، الطبقات ٢/ ٥٠؛ أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة ٢/ ٣٩٨.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>