للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جغرافية، وحدة على ملة الإِسلام ودين التوحيد، وكانت قبل ذلك طول تاريخها إِمارات ودولا متفرقة. ففي اليمن كانت دولة مَعِين، ثم دولة سبأ، ثم حمير، ثم استعمرها الأحباش، ثم دخل عليهم الفرس وصارت الولاية في أبنائهم. وفي شمال الجزيرة كانت في وقت البعثة إِمارات الحيرة الخاضعة للفرس، والغساسنة الخاضعين للروم.

أما الحجاز فتولّى أمرها إِسماعيل بعد بناء البيت العتيق (الكعبة المشرفة) ثم أولاده من بعده، ثم جد أولاد إِسماعيل مضاض بن عمرو الجرهمي، وطالت ولاية جرهم للبيت حوالي عشرين قرنًا، ثم نزعتها منهم خزاعة فحكمتها ثلاثمائة سنة حتى انتزعها قصي بن كلاب، وجمع قريشا في مكة وما حولها وذلك منتصف القرن الخامس الميلادي (١).

فالجزيرة العربية هي النطاق المكاني لحركة السيرة النبوية في عهده - صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - حدثت ردة في الأطراف والقرى، ولكن تمكن أصحابه الكرام بقيادة خليفته الأول أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم - من قمع المرتدين وإعادتهم إِلى الهدى ودين الحق في أقل من عام واحد، ثم انطلقوا بالدعوة والفتوحات إِلى من يليهم من أهل الأرض مشرقًا ومغربًا حتى دانوا بالإِسلام، وخضعوا لشريعته وأحكامه كما هو معلوم من سير الفتوحات الإِسلامية التي استمرت في انطلاقتها طوال القرن الأول من الهجرة فوصلوا إِلى حدود الصين شرقًا وإِلى المحيط الأطلسي وحدود فرنسا غربًا، ولله الحمد والمنة.

[عالمية الرسالة المحمدية]

الكرة الرضية بكاملها مجال لنشر الإِسلام، وأهلُها مدعوون جميعًا للدخول في الدين الحق الذي ارتضاه المولى عَزَّ وَجَلَّ دينا للبشرية جميعًا كما قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (٢).


(١) انظر: أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية ص ٨٣.
(٢) سورة آل عمران، آية ١٩.

<<  <   >  >>