للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخيرا انتهى إِلى أن قام بالمسجد قائلا -أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيها الناس إِني قد أجرت بين الناس، ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة" وهذا عدم إِقرار لكلامه ورد له. ثم عاد إِلى مكة وأخبر قريشًا الخبر، فقالت: ما فعلت شيئًا (١).

وحرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند التجهز إِخفاء أمره حتى يباغت قريشًا فلا تستعد للقتال حتى لا يحصل بمكة قتال لتعظيم الله ورسوله لها. ولكن حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - كتب لقريش يخبرهم بعزم الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسير إِليهم، وأخبر الله رسوله بخبر الرسالة، وأنها مع امرأة في روضة خاخ (٢)، فبعث عليا، والمقداد، والزبير بن العوام، فلما طلبوا منها الكتاب أنكرت فقال علي: إِني أحلف بالله ما كَذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا كُذب ولتخرجن الكتاب أو لنكشفنك. فقالت: أعرضوا، وحَلّت قرون رأسها واستخرجت الكتاب، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاطبا، وقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله. إِني أمروء ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليه، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنه قد صدقكم. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فإِن الرجل قد نافق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك يا عمر أن الله عَزَّ وجَلَّ اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (٣).


(١) قال أكرم العمري: الخبر عند ابن حجر في المطالب العالية من مرسل محمد بن عباد بن جعفر بإِسناد إِليه صحيح.
(٢) روضة خاخ: موضع بقرب حمراء الأسد جنوب المدينة وهي من حدود وادى العقيق. محمَّد شراب، المعالم الأثيرة ص ١٠٧.
(٣) صحيح البخاري ح رقم ٣٠٠٧.

<<  <   >  >>