للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مَوّه - صلى الله عليه وسلم - كعادته في الخروج للغزو فأرسل أبا قتادة بن ربعي إِلى بطن إِضم (١)، ليظن الظان أنه متوجه صوب تلك المنطقة، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العاشر من رمضان بعد العصر وخَيرّ الناس بين الصوم والفطر، وسار حتى كان بالعرج (٢)، وهو صائم فصب على رأسه ووجهه الماء من العطش، وعند الجحفه لقيه عمه العباس مسلمًا مهاجرًا بأهله، فأرسل أهله إِلى المدينة وسار هو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولما بلغ قديدًا (٣) لقيته سُليم، وعقد الألوية والرايات ودفعها للقبائل في قديد.

وكان قد لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابن عمته عبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة بنيق العقاب (٤). فردهما فتوجهت لهم أم المؤمنين أم سلمة وقالت: لا يكون ابن عمك وصهرك أشقى الناس بك، فقبلهما وأسلما (٥)، وعندما بلغ الكديد (٦) أفطر وقت العصر وهو على دابته حتى يراه الناس، وبقي مفطرًا حتى آخر الشهر (٧).


(١) قال عاتق البلادي في معجم المعالم الجغرافية ص ٢٩، إِضم، هو وادي المدينة إِذا اجتمعت أوديتها الثلاثة -بطحان وقناة والعقيق- بين أحد والشرثاء يسمى الوادي "الخُليل" إِلى أن يتجاوز كتانة التي يذكرها "كُثيِّر" -وهي غير كتانة غيقة- فيسمى الوادي "وادي الحمض" إِلى أن يصب في البحر بين الوجه وأملج. هذه أسماؤه اليوم، أما اسمه قديما، فكان يسمى إِضمًا منذ اجتماع تلك الروافد إِلى أن يصب في البحر.
(٢) العرج: وادي من أودية الحجاز يمر به طريق الحاج وهو على بعد ١١٣ كم من المدينة، المرجع السابق ص ٢٠٣.
(٣) قديد: بضم القاف وفتح الدال المهمله وهو من أودية الحجاز التهامية يأخذ مياهه من حرة ذرة، ويسمى أعلاه وادي ستارة، ويقطعه طريق المدينة عند الكيلو ١٢٠، ويصب في البحر عند بلدة القضيمة (المرجع السابق ص ٢٤٩).
(٤) نيق العقاب موضع قرب الجحفة. معجم البلدان ٥/ ٣٣٣.
(٥) ابن هشام ٢/ ٤٠٠.
(٦) الكديد: بفتح الكاف وكسر الدال، يقع بين عسفان وخليص على مسافة ٩٠ كم من مكة (البلادي المرجع السابق)
(٧) صحيح البخاري، كتاب الصوم ح١٩٤٤، ١٩٤٨.

<<  <   >  >>