للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعيرًا ولا شاة، حتى كثر فيهم الحديث، وقال قائلهم: يغفر الله لرسول الله، إِن هذا لهو العجب؛ يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، إِذا كانت شديدةٌ فنحن نُدْعَى ويعطى الغنيمةَ غيرُنا؟ وددنا أن نعلم ممن كان هذا، فإِن كان من أمر الله تعالى صبرنا، وإن كان من رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعتبناه (١).

وجاءه سعد بن عبادة فأخبره الخبر، وأن الأنصار وجدوا في أنفسهم من توزيع الغنائم حيث يعطي زعماء بعضهم لم يسلم بعد، وبعضهم أسلم قريبا، ويترك الأنصار، فأمر بجمعهم في مكان وخطب فيهم قائلا: أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله؟ فقالوا: رضينا يا رسول الله. فقال: أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا أسلموا، ووكلتكم إِلى ما قسم الله لكم من الإِسلام، فوالله لمن تنقلبون به خير مما ينقلبون به، فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكتِ الأنصار شعبا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار (٢).

وفي لفظ لابن إِسحاق قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا بالله ربًا ورسوله قَسْمًا (٣).

وفي حنين اعترض ذو الخويصرة التميمي الأعرابي الجافي على قسمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قائلا: يا محمَّد اعدل. فغضب - صلى الله عليه وسلم - وتغير وجهه وقال: ويحك إِذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق. فقال - صلى الله عليه وسلم -:


(١) البخاري ح ٣١٤٧ و ٤٣٣٧.
(٢) البخاري ح ٣١٤٦ و ٤٣٣١.
(٣) ابن هشام، المصدر السابق ٤/ ١٣٨ وابن كثير، السيرة النبوية ٣/ ٣٧٩ وقال: رواه أحمد من حديث ابن إِسحاق، وهو صحيح.

<<  <   >  >>