للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عدد الجيش يزيد على ثلاثين ألفا، بينما كان عدد الجيش في حنين في آخر السنة الثامنة اثنا عشر ألفا، مما يؤكد نجاح خطة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نشر الإِسلام، وازدياد الدخوك فيه بعد صلح الحديبية، وفتح مكة.

وتخلف عن الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الغزوة طوائف من المنافقين، فقد جاء أحد المنافقين إِلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في التخلف والقعود وقال: ائذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما أحد أشد عُجْبًا بالنساء مني، وإِني أخشى إِن رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبر عنهن (١)، فأنزل الله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (٢).

وقال بعضهم لابنه: يا بني مالي وللخروج في الريح والحر الشديد والعسرة إِلى بني الأصفر، وقال آخر: لا تنفروا في الحر، فرد الله عليهم بقوله: {... وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} (٣).

كما تخلف عن الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قوم معذورون، وبكوا حسرة أن لا يجدوا ما ينفقون، وتخلف من المسلمين من لم يكن له عذر، منهم كعب بن مالك، ومرارة ابن الربيع، وهلال بن أمية، وتخلف أبو خيثمة الأنصاري، ولما سار الجيش خل بستانه وفيه امرأتان لكل منهما عريش قد رَشّته وَبّردت له فيه الماء، وهيأت له فيه طعامًا، فلما دخل وقف على الباب فقال: سبحان الله! رسول الله قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضّح والريح والحر يحمل سلاحه على عنقه، وأبو خيثمة في ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسنة، في ماله مقيم؟!! ما هذا بالنّصف! والله لا أدخل عريش واحدة منكما، وأمرهما بتجهيز راحلته، ولحق برسول الله -صلى الله عليه وسلم -.


(١) ابن هشام، السيرة ٤/ ١٥٦.
(٢) سورة التوبة، آية ٤٩.
(٣) سورة التوبة، آية ٨١.

<<  <   >  >>