للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في جوف الكعبة، فخرج السهم على عبد الله، فأخذ عبد المطلب الشفرة وأراد ذبحه، فقالت له قريش: لا تفعل ذلك حتى تُعذر، وأشاروا عليه أن يستفتي في ذلك كاهنة معروفة في خيبر، فذهب إِليها عبد المطلب ومعه ركب، وأخبروها فقالت لهم: ارجعوا عني اليوم حتى يأتني تابعي فأسأله، فلما رجعوا إِليها قالت: كم الدية فيكم، قالوا: عشر من الإِبل. قالت: ارجعوا إِلى بلادكم ثم قَرِّبوا عشرًا من الإِبل واضربوا عليه وعليها القداح، فإِن خرج عليه فزيدوا عشرًا، وهكذا حتى يرضى ربكم. فلما رجعوا إِلى مكة فعلوا ذلك، فكان السهم كل مرة يخرج على عبد الله حتى بلغ عدد الإِبل مائة، فخرج السهم على الإِبل فذبحوها، ونجا عبد الله من الذبح. وقد ورد أن رجلًا جاء إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا بن الذبيحين" (١). والمراد والده عبد الله وجَدّه إِسماعيل بن إِبراهيم عليهما السلام (٢). ثم إِن عبد الطلب زَوَّجَ إِبنه عبد الله من آمنة بنت وهب بن زهرة بن كلاب بن مرة.

[دروس وعبر]

١ - طهارة نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلوه وشرفه بين العرب واصطفاء الله له، فهو خيار من خيار من خيار، فقد بُعِث من خير قرون بني آدم، قرنًا فقرنًا حتى كان من القرن الذي كان فيه.

٢ - فضل الله على أهل مكة وغيرهم بإِنباع الماء المبارك، ماء زمزم، والشرف العظيم الذي حصل لجدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفر زمزم بعد إندراسها.


(١) ذكر قصة النذر ابن إِسحاق في السيرة ١/ ١٣١. من غير إِسناد، وأخرجها ابن جرير في التاريخ ٢/ ١٣٩ بإِسناد حسن عن ابن عباس. أما حديث "يا بن الذبيحين" فقد أخرجه ابن جرير في التفسير ٢٣/ ٨٥ وقال القرطبي: روي من طريق معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ولا يثبت. [أحكام القرآن ١٥/ ١١٣]. وذكره ابن كثير في التفسير ٧/ ٣٥ وقال: غريب جدًا.
(٢) عن الذبيح من ولد إِبراهيم من هو: إِسماعيل أو إسحاق؟ انظر: تفسير القرطبي ١٥/ ١١٣. ومجموع الفتاوى لابن تيمية ٤/ ٣٣١.

<<  <   >  >>