للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرسول (صلى الله عليه وسلم) من البعثة إلى الهجرة]

[أول نزول القرآن في شهر رمضان]

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر بفطرته السليمة انحرافات أهل الجاهلية وعبادتهم غير الله، ولذلك حبب إِليه الخلاء للتفكر والتأمل، ومباينة أهل الشرك، فكان يخلو بغار حراء الواقع في قمة جبل النور، وهو بعيد عن مباني مكة في ذلك الزمان، لكن الجالس في الغار يمكنه رؤية الكعبة المشرفة، فكان يمكث في خلوته الليالي ذوات العدد، فإِذا انقضى زاده عاد إِلى أهله ثم تزود لمثلها، وفي شهر رمضان المبارك أراد الله بالبشرية خيرًا فأرسل رب العزة والجلال أفضل ملائكته جبريل -عليه السلام -، إِلى أفضل خلقه محمَّد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - بأول سورة اقرأ، وكان ذلك يوم الاثنين كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: ذاك يومٌ ولدت فيه، ويوم أنزل عليّ فيه (١)، وقال ابن عباس: ولد نبيكم محمَّد - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين (٢).

وسورة اقرأ أول ما نزل من القرآن الكريم وبها نبيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت: أول ما بدئ به رسول - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة النوم، فكان لا يرى رؤيا إِلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبّب إِليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث (٣) فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إِلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إِلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحقُّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ،


(١) صحيح مسلم، كتاب الصيام، ح رقم (١١٦٢)
(٢) مروان كجك، تهذيب سيرة ابن كثير، ص ١٠١.
(٣) التحنث: التعبد.

<<  <   >  >>