للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن إِسحاق في السيرة (١)، رواية منقطعة أن خديجة -رضي الله عنها - قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إِذا جاءك؟ قال: فعم، قالت: فإِذا جاءك فأخبرني به، فجاءه جبريل، فقال لخديجة: هذا جبريل قد جاء، قالت، قم فاجلس على فخذي، فقام رسول الله فجلس عليها، قالت، هل تراه؟ قال نعم، قالت: فتحول فاجلس في حجري، فتحول رسول الله وجلس في حجرها، فقالت. هل تراه؟ قال: نعم، ثم إِن خديجة حسرت عن رأسها وألقت خمارها، ثم قالت له: هل تراه؟ قال: لا، قالت: يا ابن عم أثبت وأبشر، فوالله إِنه ملك وما هذا بشيطان.

فهذه القصة -مع غيرها- إِن ثبتت فهىِ مما يوضح رجحان عقل خديجة -رضي الله عنهما -واجتهادها في تثبيت رسول الله بالدليل بعد الآخر حتى تهدأ نفسه وتحصل له الطمأنينة.

[فترة الوحي]

فتر الوحي كما في رواية البخاري ليعطي فرصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتأمل وتهدأ نفسه وتستطيع تحمل تكاليف الرسالة والنبوة، ثم إِنه - صلى الله عليه وسلم - اشتاق لعودة الوحي واستمراره وكان يترقب ذلك.

ففي الصحيحين من حديث جابر -رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يتحدث عن فترة الوحى، قال: فبينما أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري قِبَل السماء فإِذا الملك الذي جاءنى بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجثيث منه فرقًا حتى هويت إلى الأرضّ، فجئت أهلي فقلت: زملوني فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}: قال: ثم حمي الوحي وتتابع (٢).


(١) ابن هشام ١/ ٢٧٠ - ٢٧١ ويذكر رواية أخرج لكن فيها انقطاع كذلك.
(٢) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، ح ٤، وصحيح مسلم، في الإيمان، ح رقم (١٦١). سورة المدَّثر، آية ١ - ٥

<<  <   >  >>