للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الرواية تحدد بدء الرسالة والأمر بالبلاغ والدعوة والنذارة بعد النبوة، لكن من غير إِعلان للعامهّ، فإِن أول ما أوحى إِليه ربه أن يمقرأ باسم ربه الذي خلق، وذلك نبوته - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره بالتبلبيع، ثم أنزل. الله عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} فنبأه باقوأ وأرسله بيا أيها المدثر.

وأما مدة فترة الوحى فقد اختلفت أقوال العلماء فمها، فحكى بعضهم أنها سنتان ونصف، وقال آخرون، إِنها ستة أشهر، وعن ابن عباس أنها أربعون يوماً (١)، (وهو الراجح) ويفسر الحافظ ابن حجر معنى فترة الوحي: بأنها تأخر نزول القرآن، أما جبريل فكان يأتيه ولم ينقطع عنه (٢). ويذكر ابن كثير فترة أخرى وهي ليالي يسيرة، ونزلت بعدها سورة والضحى (٣).

[الدعوة السرية]

بعد معاودة الوحي، ونزول سورة: يا أيها المدثر، وسورة: يا أيها المزمل، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإِبلاغ الدعوة في نطاق أسرته ومعارفه ومن يثق به منهم، وهو ما عرف عند علماء السيرة يالدعوة السرية حيث استمرت ثلاث سنوات.

وأول من عَرَف بأمر النبوء والرسالة زوجته خديجة - رضي الله عنها - فآمنت وصدقت وآزرت ونصرت ثم بقيَّة أهل البيت النبوي، مولاه زيد بن حارثة، وابن عمه علي بن أبي طالب الذي كان غلامًا شابًا في حِجره ورعايته، وعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإِسلام على أبي بكر الصديق فبادر إِلى الإسلام من غير تردد حيث كان صديقاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى ابن إِسحاق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما دعوت أحدًا إِلى الإِسلام إِلا كانت عنده كبوة وتردد


(١) ابن حجر، فتح الباري ١/ ٢٧.
(٢) المصدر نفسه ١/ ٢٧.
(٣) مروان كجك، تهذيب سيرة ابن كثير، ص ١٠٣.

<<  <   >  >>