للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبار وآثار ممحّصة ومعروضة على موازين النقد ومعاييره الدقيقة من أجل الوصول إلى الحكم الصحيح لكل نصّ من هذه النصوص التي اشتمل عليها الكتاب. فلعلّه يخرج رواية الثقة الصدوق مستخدمًا عبارته الخاصة "لم يحتج به الشيخان" (١) وذلك في معرض الترجيح بين الروايتين المختلفتين إذا خالف الثقة مَنْ هو أوثق منه. فيلتبس على الدارس غير المتعمّق بأسلوب البيهقي أنه يريد تضعيف هذا الثقة مطلقًا لأنه لم يرو عنه الشيخان في "صحيحيهما".

وهذا ما حصل للشيخ ابن التركماني فاعترض على البيهقي من أجله (٢) وسيأتي مزيد إيضاح لهذه المسألة في مصطلحاته الخاصّة في الجرح والتّعديل.

ومن الأمثلة الموضحة لذلك قوله في محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري: "لا يحتج به" (٣).

وقال في موضع آخر: "لا يحتج بحديثه. وهو أسوأ حالًا عند أهل المعرفة من يزيد بن أبي زياد" (٤) مع العلم أنّ يزيد بن أبي زياد هذا ضعيف عند المحدّثين.

والدارس الواقف على هذه الأحكام ينقدح في ذهنه أنّ الشيخ يسقط مرويات ابن أبي ليلى تمامًا، ويردها مطلقًا. إلَّا أنّ الحال عند البيهقي ليس كذلك، فإننا لو نظرنا في أقواله مجتمعة لتبين لنا خلاف ذلك. فإنه يقول فيه في موطن آخر من "السنن": "وإنْ كان في الفقه كبيرًا، فهو ضعيف في الرواية لسوء حفظه، وكثرة خطئه في الأسانيد والمتون، ومخالفته الحفاظ فيها، والله يغفر لنا وله" (٥).


(١) البيهقي- السنن الكبرى: ١/ ١٩٠، ٣٠٤، ٢/ ٥٢، وغير ذلك.
(٢) ابن التركماني- الجوهر النقي: ١/ ٣٠٤.
(٣) البيهقي- السنن الكبرى: ٣/ ٣٢٩.
(٤) المصدر السابق: ٢/ ٧٧.
(٥) المصدر السابق: ٥/ ٣٣٤.

<<  <   >  >>