للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[الخاتمة]

وهكذا تتكشّف لنا جهود الإِمام البيهقي وصناعته في علم الجرح والتّعديل في حدود "السنن الكبرى" هذه الجهود التي تتبعت أحوال الرواة، وقامت بفحصهم بالدقة والتفصيل من أجل الوصول إلى الحكم المناسب فيهم بكل أناة وصبر ورويّة. إحقاقًا للحق، وذلك كله من أجل تمييز المرويات، وبيان صحيحها من سقيمها، ومقبولها من مردودها.

وتظل جهود الإِمام البيهقي في هذا المضمار -بالمقارنة مع غيره من أصحاب الأمهات من المصنفات الحديثة باستثناء الصحيحين في بعض جوانبهما- فائقة في كمِّها وكيفها. بل إننا إذا استثنينا "جامع الترمذي" و"سنن الدارقطني" لا نجد بعدهما كتابًا من الكتب الستة أو غيرها من الأمهات عني صاحبه فيه بإبراز الجانب النقد -وبالخصوص فيما يتعلق بالجرح والتّعديل والتعريف بالرواة- مثلما صنع البيهقي. بل إنّ الإِمام الترمذي لم تبلغ عنايته بكشف هذا الجانب وإظهاره عشر معشار ما وجدناه في صناعة البيهقي، وإن كان يبقى له فضل السبق والرّيادة.

أما "سنن الدارقطني" فإننا -إذا استثنينا الفارق الكمي في المادة بين الكتابين- وجدناها مشتملة على نسبة طيبة من مسائل النقد والتعليلَ. وهو أمر غير كبير ولا كثير على أبي الحسن الدارقطني الحافظ الحجة في الجرح والتّعديل والعلل.

وبهذا أضاف البيهقي إلى مزايا كتابه مزية جليلة إضافية وهي اشتمال كتابه "السنن الكبرى" على هذه الثروة النقدية الغنيّة بمادتها وقيمتها. بحيث

<<  <   >  >>