للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما يجعلهم يطبعونهم ويؤازرونهم. وقد اشتهر ولاة العصر الراشدي بزهدهم وورعهم مثل سعيد بن عامر بن حذيم، وعمير بن سعد، وسلمان الفارسي، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وأبي موسى الأشعري. وقد اضطر بعضهم للاستدانة لسد عوزهم إلى الطعام (١)، ولم يطلبوا الولاية لأنفسهم لورود النهي الشرعي عن طلبها، بل كانوا يعتذرون عنها، ويرغبون في التخلص من مسؤولياتها ويعتذرون عن الاستمرار فيها (٢).

ولم يدع الخلفاء الراشدون أثراً لعواطفهم في تعيين الولاة، بل راعوا المصلحة العامة حتى أن عمر بن الخطاب عين أبا مريم الحنفي على قضاء البصرة وهو قاتل أخيه زيد بن الخطاب في موقعة اليمامة (٣)!!

ولم تتحدد مدة الولاية على الإقليم، بل كانت تخضع لنجاح الوالي وظروف الولاية، لذلك فإن بعض الولاة تطول ولايتهم مثل معاوية بن أبي سفيان إلى عشرين سنة، وبعضهم تقصر إلى سنة واحدة.

ولم يلتزم الخليفة بإبقاء ولاة الخليفة السابق، فكان يبقي بعضهم ويعزل الآخرين، وكانت وصية عمر لمن بعده "ألا يقر لي عامل أكثر من سنة، وأقروا الأشعري أربع سنين" (٤)، وقد تولى الأشعري ولاية الكوفة عدة مرات حتى نهاية خلافة عثمان.


(١) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاة على البلدان ٢: ٥٢ - ٥٣، والأزدي: فتوح الشام ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاة على البلدان ٢: ٥٤، والبلاذري: فتوح البلدان ٢١٤، والطبري: تأريخ.
(٣) وكيع: أخبار القضاة ١: ٢٦٩.
(٤) البلاذري: فتوح البلدان ٣٢٢، والذهبي: سير أعلام النبلاء ٢: ٣٩١.

<<  <   >  >>