للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه اجتهد في التصرف المالي حسب ما يرى فيه المصلحة.

وثبت أن عمر رضي الله عنه عاقب الصحابي أنس بن مالك لأنه فرَّط في حفظ ستة ألاف درهم من الأموال العامة استودعها عند أنس، فضمنه إياها ويبدو من السياق أن عمر شعر بوجود إهمال في حفظها ولم يتهم أنساً (١).

وكان عمر يحاسب ولاته على ثروتهم، فإذا زادت زيادة كبيرة عما كانت عليه عند تعيينهم قاسمهم ثروتهم (٢)، دون اتهامهم بالخيانة، بل لأنه يعتقد أن ولايتهم على الإقليم تيسر لهم تنمية أموالهم. وكان الولاة في خلافته يتحرجون من الولاية على الناس، وبعضهم طالب عمر بإعفائه من الولاية (٣).

وكان لا يرى أن من حق الولاة أن يتنعموا من المال العام دون الرعية فقد غضب على والي أذربيجان عتبة بن فرقد لأنه أهدى إليه خبيصا (نوع من الحلوى) لم يكن الجند ينالونه، فكتب إليه عمر: "إنه ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم" (٤).

كما كان يحقق في شكاوى الرعية ضدهم، ولما ضرب ابن لعمرو بن العاص أحد الأقباط وبلغ عمر شكواه، أراد أن يقتص للقبطي وخاطب عمراً بعبارته


(١) عبد الرزاق: المصنف ٨: ١٨٢، وابن أبي شيبة: المصنف ٤: ٣٩٨، والبيهقي: السنن الكبرى ٦: ٢٨٩ - ٢٩٠ والأثر صحيح.
(٢) البلاذري: فتوح البلدان ١٢١.
ابن تيمية: السياسة الشرعة ٤٦.
(٣) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين ٥٤.
(٤) مسلم: الصحيح ١٦٤٢:٣
البيهقي: السنن الكبرى ١٠: ١٢٨.

<<  <   >  >>