للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة" (١).

والحق أن هذه الأموال ليست ملكية شخصية للرسول صلى الله عليه وسلم مادام صرفها في أوجه يحددها القرآن، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بقسمتها بوصفه رئيساً للدولة، ومجال صرفها عام يهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين. ومن ثمَّ فإن الأموال تعود بعد وفاته إلى الدولة ويتولى مسؤوليتها الخليفة أو من ينيبه. لذلك قال أبو بكر لفاطمة رضي الله عنهما: "من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله فأنا أعوله، ومن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق عليه فأنا أنفق عليه" (٢). فكان أبو بكر ينفق على أهل الرسول صلى الله عليه وسلم من الفيء وما بقي يضعه في المصالح الأخرى (٣). ولم تطالب أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم بميراثهنَّ بعد أن ذكرتهن عائشة بحديث: "لا نورث ما تركنا صدقة" (٤).

وقد شغلت هذه القضية أهل الأخبار، فملأوا الأسفار بالروايات المفتعلة (٥). وفي خلافة عمر رضي الله عنه عرض على بني هاشم والمطلب أن يصرف عليهم من خمس ذوي القربى في مجالات محددة "يزوج أيمهم، ويقضي دين


(١) البخاري: الصحيح ٤: ٩١، ومسلم: الصحيح ٣: ١٣٨٢. قال أبو داؤد: "ومؤنة عاملي يعني أكرة الأرض" السنن ٣: ١٤٤ (ط. محمد محيي الدين عبد الحميد).
(٢) ابن حجر: فتح الباري ٦: ٢٠٣.
(٣) المصدر السابق.
(٤) البخاري: الصحيح ٥: ١١٥ و ٨: ١٨٧، ومسلم: الصحيح ٣: ١٣٧٩.
(٥) ابن سعد: الطبقات ٨: ٢٩، وحماد بن اسحق: تركة النبي ٨٦، وابن شبة: تأريخ المدينة ١: ١٩٩ - ٢٠٠، والبلاذري: أنساب الأشراف الشيخان ٥٧، والبيهقي: السنن الكبرى ٤: ٢٩

<<  <   >  >>