للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرقابة واليقين "الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١).

وقد أثمرت هذه الدعوة حضارة مادية رائعة في العصور الاسلامية الذهبية شملت الفكر والعلوم والزراعة والصناعة.

وكان من مقاصد الدعوة الاسلامية حفظ النوع الإنساني واستمراره في الوجود، بتشريع الزواج وتحصين الأسرة وتحريم اتلاف النفس البشرية بالقتل أو الانتحار (من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) (٢) معتبرة تحقيق الأمان الفردي أساساً لتحقيق الأمن الجماعي.

وتفتح الدعوة الاسلامية أبواب التوبة أمام العالمين مهما بلغت معاصيهم دون الحاجة إلى الاعتراف أمام وسيط أو كشف مستور للآخرين (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) (٣) وبذلك تم التأكيد على قيم إيجابية تحارب اليأس والقنوط والتردي والعبثية والإحساس بمأساوية الحياة، وتمحو الصور القاتمة المظلمة الموحية بالاكتئاب والقلق مثل الطِّيرة (التشاؤم) والخوف من المستقبل. سأل صحابي النبي صلى الله عليه وسلم: منَّا رجال يتطيرون؟ فأجابه: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنَّهم" (٤).

وتكثر الصور المتفائلة والمعالم المضيئة والمعاني الايجابية الملطفة للحياة والمجملة للاجتماع البشري بإشاعة السلام والمحبة بين الناس والاهتمام بحسن


(١) البخاري: الصحيح ١: ١٨.
(٢) المائدة ٣٢.
(٣) الزمر ٥٣.
(٤) مسلم: الصحيح ١: ٣٨٢ حديث رقم ٥٣٧، وأبو داؤد: السنن ١: ٢٤٤ - ٢٤٥.

<<  <   >  >>