للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعارضون ذلك (١) بعد فشل محاولاتهم. واشتد ذهول الناس، وتعدَّى الذهول عامتهم إلى قادتهم، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة)، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا. فلما دُفِن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعتُ. فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين. فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى" (٢).

بهذه الروح المرهفة الحزينة المليئة بالصفاء والوفاء لمعاني الأخوة وذكريات الرفقة استقل علي بيعته بالخلافة، وقد استجاب لطلب الناس الملح لينهي مرحلة مضطربة بسبب الفراغ في السلطة، وقد اشترط أن لا تكون بيعه سراً "فأخرجُ إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني" فخرج إلى المسجد وبايعه الناس (٣).

وقد بيَّن كل من طلحة بن عبيد الله التيمي، والزبير بن العوام- وهما من العشرة المبشرة بالجنة- أنهما بايعا مكرهين تحت التهديد من قتلة عثمان (٤)، ولم


(١) البخاري: الصحيح (فتح الباري ١٢: ١٤٤ - ١٤٥، وأحمد: المسند ١: ٣٢٣، والبلاذري: أنساب الأشراف ٢: ٣٥ ب.
(٢) الحاكم: المستدرك ٣: ٩٥ وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي. وله متابعة ضعيفة لدى الحاكم ٣: ١٠٣ بسند فيه الكديمي وهو ضعيف.
(٣) أحمد: فضائل الصحابة ٢: ٥٧٣ بإسناد حسن، والحاكم: المستدرك ٣: ٩٥ بإسناد حسن، وأبو نعيم: الإمامة ٣٢٩.
(٤) ابن أبي شيبة: المصنف ١١: ١٠٧ و ١٥: ٢٦١ بإسناد صحيح، والبلاذري: أنساب الأشراف ٢: ٥٣٧ ب.

<<  <   >  >>