للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم" (١). وعبد الله بن عمرو بن العاص عالم محدِّث، وتعتوره الشكوك- في صحة موقفه من الفتنة دون أن يحسم الأمر مع نفسه أولاً ثم في الميدان فقد أرغمه أبوه على الاشتراك مع الجيش الشامي مذكراً إياه بحديث: "أطع أباك مادام حياً" فاشترط أن يقف معهم ولا يقاتل (٢) فهل نسي أن الطاعة بالمعروف؟ (٣) ... بالله كيف كانت حالة عامة الجند الإسلامي!! قاتل الله الفتن تدع الحليم حيرانا.

لم يكن الطرفان يكفران بعضهما، لكن بعض الجند المتحمس في جيش علي رضي الله عنه كان يلعن ويكفر الشاميين، فلا يلقى من قادته إلا النهر والتوضيح "قال رجل يوم صفين: اللهم العن أهل الشام. فقال علي رضي الله عنه: لا تسب أهل الشام جمعاً غفيراً، فإنَّ بها الأبدال، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال" (٤).

وقال زياد بن الحارث الصدائي- صحابي شاهد عيان-: "كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين، وركبتي تمسُّ ركبته. فقال رجل: كفر أهل الشُام. فقال عمار: لا تقولوا ذلك، نبينا ونبيهم واحد، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق، فحقَّ علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه" (٥).

ولم تكن بين الجيشين أحقاد، بل كان كل طرف ينافح عما يعتقده حقاً، فلا غرابة إذا قال شاهد عيان هو عبد الرحمن السلمي: "شهدنا صفين مع علي ...


(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٤: ٢٦٦ - ٢٦٧ بإسناد صحيح.
(٢) أحمد: المسند- بتحقيق أحمد شاكر- ١١: ١٣٨ - ١٣٩ بسند صحيح.
(٣) سلم: الصحيح- بشرح النووي- ١٢: ٢٢٧.
(٤) عبد الرزاق: المصنف ١١: ٢٤٦ بإسناد صحيح.
(٥) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٢٩٠ وله شواهد في المصنف ١٥: ٢٩٠ أيضاً، وابن عساكر: تأريخ دمشق (تحقيق المنجد) ١: ٣٣٢، ٣٣٣ ويعتضد بشواهده إلى الحسن لغيره.

<<  <   >  >>