للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سنية وشيعية يجعل من الصعب القبول بنفي الوجود التاريخي له (١).

إن المعارضة تلمست حججها من أعمال الخليفة عثمان، ولم تقتصر على الاحتجاج على سياسته المالية في السماح بمبادلة ملكية الأراضي بين العراق والحجاز مما أتاح لأغنياء الحجاز تملك مساحات واسعة في السواد، ولا على الاحتجاج على إدارة الدولة بالاعتماد على أقرباء عثمان الأكفاء وعزله بعض الولاة من الصحابة، بل امتدت إلى النواحي الايجابية الواضحة مثل جمع القرآن الكريم الذي وحد مصحف الأمة وحفظه حيث احتجت المعارضة على إحراق المصاحف الأخرى.

وقد قدم المعارضون من الأمصار إلى المدينة فمكثوا فيها أربعين يوما، واستعتبوا عثمان رضي الله عنه فأعتبهم وأرضاهم، ثم رحلوا إلى أمصارهم، لكنهم لم يصلوها إذ عادوا إلى المدينة وحاصروا دار عثمان أربعين يوما (٢) لإجباره على تلبية مطالبهم، ثم تطور الأمر إلى المطالبة بخلعه فلما رفض قتلوه- وكان قد منع أنصاره من القتال دفاعا عنه- مما أثار أزمة كبرى في الضمير المسلم وأدى إلى انشقاق المجتمع على أسس مبدئية تدل على الاستعداد للانتصار للحق والتضحية من أجل القيم.

وهكذا لم يحظ علي رضي الله عنه بالإجماع على خلافته حيث خرج عليه أصحاب الجمل (عائشة، الزبير، طلحة رضي الله عنهم) مطالبين بالاقتصاص من قتلة عثمان ورفض معاوية مبايعته لنفس السبب. ورأى الخليفة الجديد علي أن إنفاذ القصاص يولد فتنة كبيرة في أوساط القبائل التي تؤيده، وأن على معارضيه مبايعته تحقيقا لوحدة الأمة وطاعة للخليفة الشرعي.


(١) سعدي مهدي الهاشمي: ابن سبأ حقيقة لا خيال.
(٢) البلاذري: أنساب ٥: ٦٣ والطبري: تأريخ ٤: ٣٣٥.

<<  <   >  >>