للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لفتحها فعدل عن ذلك إلى اليوم التالي حيث رضوا بفك الحصار. وأما رده لرأي الأكثرية في غزوة الحديبية فيرجع إلى أمر الله له، ولا اجتهاد في موضع النص، ولا تقدم على أمر الله (١).

وكان أبو هريرة يقول: "ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٢).

وما دام لم يرد ما يمنع من الأخذ برأي الأكثرية في الكتاب والسنة فهو أمر مباح إذاً يتحول الأمر إلى واجب إذا تعلقت مصالح الأمة به أو إذا أفضى تركه إلى حدوث مفاسد عامة كالاستبداد أو اضطراب الأمن بسبب تفرق أراء الناس، وعدم مراعاتها، هذا إذا لم ير أهل الحل والعقد بالأدلة التي تفيد وجوب الشورى وإلزاميتها ...

ومن الصعب قبول القول بأن الشورى واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم ومندوبة بالنسبة للمسلمين، إذ ليس ثمة نص يفيد هذه الخصوصية فضلا عن أن النظر يقتضي العكس لأن حاجه النبي المعصوم إلى الشورى أقل- وهي مخصصة في المصالح الدنيوية- من المسلمين غير المعصومين، بل الأكثر على أنه إنما يستشير تعليماً للأمة دون حاجة حقيقية إلى الشورى لأن الوحي يسدده ولا يقره على خطأ ..

وأما عمل الخلفاء الراشدين فقد أثبت التأريخ أن خلافتهم كانت عن بيعة الناس ورضاهم، ويعد انتخاب أبي بكر رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة نموذجاً للحوار الحر الصريح بين المجتمعين، وغالبيتهم من الأنصار، ومع ذلك فقد أفضى


(١) د. همام سعيد: عرض الأحاديث النبوية المتعلقة بالشورى ودراستها (بحث ضمن كتاب: الشورى في الإسلام ص ٨٥ - ٩٨).
(٢) عبد الرزاق: المصنف. حديث رقم ٢٧٩.، وصحيح البخاري مع الفتح، حديث رقم ٢٧٣١ - ٢٧٣٢.

<<  <   >  >>