للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عمر يستشير في الأمور التي لا نص فيها من كتاب وسنة وهو يهدف إلى معرفة إن كان بعض الصحابة يحفظ فيها نصاً من السنة، إذ لم تكن قد قيدت بعد وكان بعض الصحابة يحفظ منها ما لا يحفظه الآخرون وكذلك كان يستشير في فهم النصوص المحتملة لأكثر من معنى لمعرفة المعاني والأوجه المختلفة. وفي هذين الأمرين قد يكتفي باستشارة الواحد أو العدد القليل، وأما في النوازل العامة فيجمع لها الصحابة، ويوسع النطاق ما استطاع كما فعل عند وقوع الطاعون بأرض الشام وهو متوجه إليها، حتى إذا كان بسرغ علم بوقوع الطاعون فدعا المهاجرين الأولين فاستشارهم فاختلفوا، ثم دعا الأنصار فاختلفوا، ثم دعا مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فأشاروا عليه بالعودة إلى المدينة فأخذ برأيهم. ثم أخبره عبد الرحمن بن عوف بحديث نبوي يدعم قراره (١).

ومن ذلك استشارته للصحابة في معاملة الأرض المفتوحة حيث عدل عن قسمتها بين المقاتلين نظراً منه لحق الأجيال التالية، وقد خاطب الصحابة قائلاً: "اجتمعوا لهذا المال، فانظروا لمن ترونه" ثم قرأ آيات الفيء عليهم مبيناً فهمه وتوجيهه للآيات قائلا: "والله ما من أحد من المسلمين إلا وله حق من هذا المال أعطي منه أم منع" (٢).

وكان يكثر الاستشارة في صرف الأموال العامة (٣). ولما كثرت الأموال


(١) البخاري: الصحيح (فتح الباري) ١٠: ١٧٩ حديث رقم ٥٧٢٩، ومسلم: الصحيح حديث رقم ٢٢١٩.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ٤: ١٥١، ١٥٢ و ١١: ١٠١، ١٠٢، وابن أبي شيبة: المصنف ٦: ٤٧١، وابن زنجويه: الأموال: ١٠٨، ١٠٩ و ٢: ٤٨٠ وإسناده صحيح.
(٣) ابن كثير: مسند الفاروق حديث رقم ٦٧٨ (أطروحة دكتوراه، تحقيق مطر أحمد الزهراني، جامعة أم القرى بمكة- ١٤٠٩ هـ). والذهبي: سير أعلام النبلاء ٢: ١٩٠

<<  <   >  >>