للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- ثم أرسله والده إلى عمته في مدينة (بئر خادم) بالعاصمة ليواصل دراسته هناك (٤)، وكان بالموازاة مع ذلك (يزاول مهنة جني المحاصيل في مزارع (الكولون) حتى لا يكور عالة على عمته .. ) (٥).

[التلقين بعد التحصيل .. والتصدر بعد التأهل]

انقطعت أخبار الشيخ بعد فترة (بئر خادم) إلا ما نعلمه من مشاركته في الحرب العالمية الثانية) ١٩٣٩ - ١٩٤٥م)، فقد زج به، وهو في التلاثينيات من عمره. في جحيم حرب لا ناقة له فيها ولا حمل، كما فعل بأبناء هذا الوطن، إذ لما لاحت غويم الحرب مع الألمان أخذ إلى جبهات القتال في بلجيكا، ورحى الحرب على أوجها هنالك، ولم تطل مدة مكثه، فقد تمكن من الفرار، والعودة للديار عبر تونس (٦).

حل إذاك بمدينة (البليدة)، وبالضبط في ضاحية (حلوية ببوفاريك) (٧).

فبعد أن اشتد ساعده وقوي عوده علميا آن له أن يؤدي الأمانة التي تحملها؛ وذلك بركع الجهل عن أمته تعليما ووعظا وإرشادا، فألسس في (حلوية) مدرسة قرآنيه أو زاوية (بالمصطلح المعروف) فكان يؤم الناس بها ويلقن من بها الطلبة مبادئ الإسلام ويعلمهم اللغة العربية، ثم انتقل بعدها إلى (أولاد يعيش) في (البليدة) كذلك، ليرجع بعدها إلى عشه الأول (سيدي عيسى) ليكون ذلك الان البار الذي يخدم بلدته، فكان إماما يؤم الناس وواعضا يذكرهم، وينشر بينهم العلم النافع ويحثهم على العمل الصالح.

[إلتحاقه بركب المصلحين مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين]

- تأثر الشيخ العرباوي بالحركة الإصلاحية للشيخ الطيب العقبي. -رحمة الله عليهما-، وكان كثير التردد بعدها على نادي الترقي بالجزائر العاصمة غي أواخر الأربعينيات، وهنالك تعرف على بقية الأئمة العلماء رواد الإصلاح وحاملي لوائه: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ العربي التبسي، والشيخ عبد اللطيف سلطاني ...

- لا نعلم تحديدا السنة التي التحق فيها الشيخ عمر العرباوي بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ولكن نجزم أن التحاقه بالجمعية كان بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا ما استقيناه من تواريخ مقالاته المنشورة في السلسلة الثانية من جريدة "البصائر" (٨)، وقوائم توزيع المعلمين التي كانت تنشر في هذه الجريدة كذلك.

- انضوى - رحمه الله - تحت راية كتيبة المعلمين في جمعية العلماء، وأنشأ عدة مدارس حيث حل وارتحل كمدرسة بئر خادم والتي كان مدرسا بها (٩). وقد نظم في هذه المدينة حفلا حضره الشيخ الطيب العقبي - رحمه الله - وثلة من الأفاضل، ألقوا خلاله كلمات ومواعظ حثوا فيها الحاضرين على التبرع لتجهيز هذه المدرسة (١٠)، ثم انتقل إلى (السحاولة) وأسس بها مدرسة وتزوج هنالك (١١)، ثم اشتغل مدرسا في المدرسة التهذيبية (١٢) بـ (سانت أوجين) (بولوغين حاليا) وخطيبا في مسجدها، ثم كلف بالخطابة بمسجد في (بلوزداد) (مسجد العربي التبسي حاليا) إلى غاية اعتقاله في سنة ١٩٥٦م، كما كانت له عدة إسهامات في مناطق أخرى خارج العاصمة، وكان ذا قلم سيال، تشهد له بذلك مقالاته في جريدة "البصائر" في سلسلتها الثانية.

وقد ترأس كذلك شعبة جمعية العلماء المسلمين في الجزائر العاصمة إلى غاية سنة (١٩٥٦م) وهي السنة التي سجن فيها.

[وجاءت ثورة التحرير ومن المحن تأتي المنح]

كان الشيخ (رحمة الله) ممن ساندوا الثورة وأيدوها وحثوا الشباب على الجهاد والالتحاق بصفوف المجاهدين، وقد كلفته جمعية العلماء المسلمين بتوجيه


(٤) ولم أقف على تفاصيل أكثر عن هذه الفترة من حياة الشيخ (رحمه الله).
(٥) الشيخ عمر العرباوي - رحمه الله - ... مدرسة متنقلة، مقال منشور في أسبوعية البيان: السبت الجمعة (من ٧ إلى ١٣) جانفي ٢٠٠٦م.
(٦) لقاءاتي مع عائلة الشيخ العرباوي (رحمه الله).
(٧) وكان ذلك قبل الإنزال الأمريكي في الجزائر إبان الحرب العالمية الثانية وذلك في نوفمبر ١٩٤٢م.
(٨) أول مقالة نشرت له كانت بعنوان: الوطنية الصادرة في العدد: ٧٣، الصادر في جمادى الآخرة ١٣٦٨هـ / مارس ١٩٤٩م.
(٩) كما هو مثبت في قائمة المعلمين المنشورة في السلسلة الثانية من البصائر ع: ٥٧ الصادر في المحرم ١٣٦٨ هـ / نوفمبر ١٩٤٨م/ وقد كان لإنشاء هذه المدرسة قصة إذ إن إحدى العائلات المشهورة في (بئر خادم) تبرعت بإسطبل كانت تملكه، وذلك لما عدم المكان لتدريس أبناء الفقراء إذاك (عائلة الشيخ العرباوي).
(١٠) انظر مقالة: تدشين مدرسة بئر خادم للشيخ عمر العرباوي / البصائر، العدد: ٨٣، الصادرة في شعبان ١٣٦٨هـ / جوان ١٩٤٩م.
(١١) وكان هذا حوالي سنة ١٩٤٩م.
(١٢) انظر المسيرة الرائدة للتعليم العربي الحر بالجزائر (القطاع الجزائري) ص: ٨١. ٨٢

<<  <   >  >>