للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

علمني في يومي هذا: كل ما نحلته عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا) الخ الحديث وهو طويل، كما رواه الإمام مسلم في صحيحه على ما سيأتي قريبا، قال ابن كثير في تفسيره لآية الروم السابقة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} الخ: انفرد بإخراجه مسلم فرواه من طرق عن قتادة به. وقوله أتتهم الشياطين فأضلتهم الخ - وفي رواية مسلم فاجتالتهم - أي حولتهم عن فطرة الله فأهلكتهم، ومعنى هذا أن المولود بعد الولادة لو تركته شياطين الإنس والجن كما خلقه الله على الفطرة والجبلة - فطرة الله تعالى - لما اختار غير ما فطره الله عليه، من التوحيد والطاعة لله تعالى، وهي الفطرة التي فطره عليها كما نراه الآن في سكان البوادي الذين لم يخالطوا المدن التي تكثر فيها الطوائف المختلفة وتتنوع فيها المجتمعات التي تتأثر بما تسمع فيها من مختلف الأفكار والعقائد البشرية، وقد نقل عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول: "اللهم ارزقني إيمانا كإيمان العجائز" ذلك لأن البدوي متهيء لقبول الحق والتوحيد طبعا وطوعا لفراغ فكره من المؤثرات الخارجية والبعيدة عن فكره وعقله، وفي صحيح مسلم: (ما من مولود إلا وهو على الملة) وفيه أيضا (ليس من مولود إلا على هذه الفطرة، حتى يعرب عنه لسانه) ذلك أن الله تعالى خلقه وفطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله إلا هو، كما تشهد بهذا آية سورة الأعراف، وهي قوله تعالى:

<<  <   >  >>