للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بل أن البعض منهم أنكر وجحد هذا الرجوع وذلك الحساب، لما أذاعه فيهم أعداؤهم وأعداء ربهم ودينهم، فاتبعوهم في باطلهم، وأعرضوا عن الحق الوضاح.

ان الكثيرين من العصاة إذا ما لا مهم لائم على ما يرتكبونه من المعاصي، أو على تهاونهم بفروض دينهم أجابوه - جواب الجاهل المغرور - بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وغفلوا عما بعده، من ذكر العقاب الأليم، ذلك قوله في نفس الآية: {نبئ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} الآيتان ٤٩ - ٥٠ من سورة الحجر، ذلك ان الله يقرن في كثير من الآيات القرآنية المغفرة بالعقاب حتى لا يتجرأ العباد على فعل المنهيات وترك المأمورات اتكالا على سعة رحمة الله، وتشويقا لتلك الرحمة التي لا ينالها الا الطائعون، وحتى لا يطمع أحد من عباده في نيل تلك المغفرة بلا عمل للطاعات، وكي لا ييأس عامل لها من فضله ورحمته، فالمغفرة إنما ينالها الطائعون، والعقاب انما هو من نصيب العصاة والمذنبين، وهذا هو عين العدل الرباني، اما مغفرة بلا طاعة، أو عقاب بلا ذنب فذلك لا يكون من الحكيم العادل العليم، وهو القائل: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} الآيتان ٣٥ - ٣٦ من سورة القلم.

فتوحيد الله - كما قلنا - هو دعوة كل رسول بعثه الله إلى عباده من حين ظهور الشرك وعبادة الأوثان فيهم، بدل

<<  <   >  >>