للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على هذا، الحديث الذي رواه البزار والطبراني عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما آمن بي من بات شيعان، وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" أي إيماين هذا؟ إذا كان المسلم لا يهمه ولا يهتم إلا بما هو فيه من نعمة وترف، ولا يتألم مما فيه أخوه وجاره الجائع، فلا يطعمه مما أعطاه الله، إذا كان يعلم بحاله وحاجته، ولا يمد له يد المعونة والاحسان، فمن كان هذا حاله مع إخوانه فقد ظهر منه أنه لم يستكمل الايمان، ولم يكن في مستوى المؤمنين.

فدفع الزكاة للفقراء والمساكين دليل على أن مخرجها شاكر لنعمة الله عليه، غير كافر بها، ولهذا يبسط الله خالقه له في الرزق والمال، ويزيده من فضله، وذلك مصداق قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (١) فرب المال - وهو الله تعالى - أخبر عباده بما وعدهم به من الزيادة في مال الشاكرين لنعمه عليهم. وإخراج الزكاة - أيضا - دليل على ما في قلب مخرجها من الرحمة والعطف على البؤساء والمحاويج.

ووجوب الزكاة على المسلمين في أموالهم أمر معلوم من الدين بالضرورة، لكثرة الأدلة على هذا من آيات القرآن الحكيم وأحاديث الرسول ووصاياه صلى الله عليه وسلم، فهي مسألة إنسانية ودينية، فمن لم يعترف بوجوبها فهو كافر بالله، ومن


(١) الآية ٧ من سورة ابراهيم عليه السلام.

<<  <   >  >>