للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإبراهيم إمام الموحدين - عليه السلام، يحاج أباه وقومه ويريهم الدليل على وحدانية الله إذ هو الإله المعبود بالحق ويظهر لهم عجز معبوداتهم حين خوفوه بمعبوداتهم الباطلة والعاجزة عن أن تلحق الضر بأحد فقال حسبما ذكره الله في القرآن ((وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)).

يا له من حجاج بليغ، وحجة دامغة يوجهها خليل الرحمن لقومه المشركين الجاهلين، فأظهر لهم أنه لا يخاف معبوداتهم العاجزة، لأنها لا تستطيع أن تحدث شيئا إلا ما أراده الله المعبود بالحق فهو وحده المستقل بالضر والنفع وكان الأجدر بالخوف أن يكون منهم لأنهم عصوا رب الناس الذي بيده كل شيء فهذا هو كلام المؤمن بالله الذي احتوى قلبه على عقيدة التوحيد القوية وهي التي تصير صاحبها ثابتا عليها لا يرهب أحدا ولا يداهن مخلوقا ولا يتملق عاجزا مثله ولا يخاف إلا ممن بيده أرواح البشر وأرزاقهم وهذا ما يجب أن يكون عليه المؤمن الموحد لربه، وإذا لم يكن هكذا كان كاذبا في دعواه الإيمان بالله وحده الذي لا شريك له.

<<  <   >  >>