للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمران ٣/ ٧). فالخلاف الأساسي بين الفرق هو على تأويل القرآن، وقد ذكر ذلك سلمان الفارسي في رجز ينسب إليه في معركة صفّين [١]:

نحن ضربناكم على تنزيله ... فاليوم نضربكم على تأويله

وذكر عن الإمام عليّ قوله: «هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدفّتين لا ينطق بلسان ولا بدّ له من ترجمان» [٢]، وهو دعوة إلى التأويل. وفي رسالته إلى عبد الملك يردّ الحسن البصري عليه في توضيح موقفه من القدر مظهرا دور التأويل مدّعيا لنفسه حسن التأويل وإصابته [٣]. وفي كتاب «الصفوة» المنسوب لزيد بن علي يقول زيد لمخاطبه: «وقد رأيت ما وقع النّاس فيه من الاختلاف، تبرّأوا [من بعضهم] وتأوّلوا القرآن برأيهم على أهوائهم، اعتنقت كل فرقة منهم هوى ثم تولوا عليه، وتأوّلوا القرآن على رأيهم ذلك بخلاف ما تأوّله غيرهم، ثم برئ بعضهم من بعض، وكلّهم يزعم فيما يزيّن له أنّه على هدى في رأيه وتأويله وأنّ من خالفه على ضلالة أو كفر أو شرك» [٤]، ثم يوضح في رسالته أنّ «أهل البيت» وهم «الصفوة» و «الحبوة» و «الخيرة» هم الأولى بتأويل القرآن وفهمه. أمّا ما يذكره الحسين الفخّي هنا من أنّ «القرآن غنّي به على المعازف فحرّف عن تنزيله ولم يبق منه إلاّ رسمه. . .»، فالمقصود به-فيما أرى- التصعيد في لهجة الخطاب، ولا أجد إشارة تاريخيّة إليه، إلاّ أن يكون المقصود «التطريب» الذي عدّ بدعة وكان مثار جدل بين العلماء في أواخر القرن الثاني


[١] وقعة صفيّن ٣٤١.
[٢] نهج البلاغة ١٨٢.
[٣] انظر رسالته في Der Islam ١٢(٣٣٩١),p .٩٦,٩١ - ٠٢;٤٧,٠٢;٥٧,٢;٨٧,٢١ - ٣١,٦١;٩٧,٢١. وقد رجّح مايكل كوك (M .Cook) أن يكون عبد الملك المذكور هو عبد الملك بن المهلب، انظر Early Muslim Dogma ٢٦ ff .:
[٤] كتاب الصفوة ٨٩.

<<  <   >  >>