للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودار الصراع فيها حول شرعية السلطة الجديدة يطرحها خصم قوي يتمتع برصيد كبير ودعوة تصدر عن إجماع يحقّق مصالح المعارضة وفئات واسعة من عصبيّات الدولة، ويلجأ إلى تجربة طويلة في الصراع ضد الأموييّن. وقد قضّت هذه الثورة مضجع المنصور قبل أن يتاح له السيطرة عليها، ليتتبّع العلويّين قتلا وتحبيسا، ويشدّد على من شاركهم الثورة من العلماء والأعيان. وقد أحكم إثرها نظام البريد في أرجاء الدولة ليتسقّط أخبار من هرب من العلوييّن ويرصد تحرّكاتهم [١].

[٦.١. سياسة المهدي]

وعن عمر بن شبّة [٢] أن المنصور أوصى وليّ عهده المهدي في حجّته الأخيرة بالحذر من رجلين: أوّلهما عيسى بن موسى، ابن أخيه وولي عهده قبل المهدي وكان أبو جعفر قد توعّده وهدّده ثم استرضاه بالمال وعهد بولاية العهد لابنه المهدي، والثاني عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [٣]، الذي خرج مع النفس الزكيّة ومع أخيه إبراهيم ثم توارى في الكوفة. وكان من وصيّة أبي جعفر فيه. . «وأما عيسى بن زيد فأنفق هذه الأموال واقتل هؤلاء الموالي واهدم هذه المدينة حتى تظفر به، ثم لا ألومك» [٤].

فقد ظل الخوف من العلويين هاجس أبي جعفر قبل وفاته بعد أن أمن جانب أهل بيته العباسيين وأمن ولاء جند خراسان وموالي الدولة، عبر سياسة البطش من جهة والترغيب من جهة أخرى.


[١] الطبري ٨/ ٩٦ (-٣/ ٤٣٥).
[٢] الطبري ٨/ ١٠٦ - ١٠٧ (-٣/ ٤٤٨).
[٣] انظر ما يلي ص ٣١ - ٣٢.
[٤] يعني الأموال التي جمعها «ما لم يجمعه خليفة قبلي» وكذلك الموالي الذين جمعهم وبناء مدينة السلام بغداد، الطبري ٨/ ١٠٦ (-٣/ ٤٤٨).

<<  <   >  >>