للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقف حسين على ما صنع يوسف طلب الكراء فلم يجده لضيق الوقت، فلم يزل يحتال للمال والإبل حتى وجد من ذلك ما وجد وفاته الوقت».

فلو كان الخروج متواعدا عليه في الموسم، لما كان لهذا الارتجال في التحضير أن يحصل. ومهما يكن من أمر فقد كان الخروج في الحجاز خطأ تكتيكيا فادحا، فباستثناء ما ذكرته من أسباب عن عدم صلاحية الحجاز كمنطلق الثورة، لا تخبرنا المصادر عن اشتراك للقبائل الحجازية في الثورة إذ يبدو أنها كانت مغيّبة عن دعوة الطالبيين واستراتيجيتهم. أمّا أهل المدينة فقد لزموا منازلهم بل وسألوا الحسين عدم إزعاجهم والكفّ عن التردد عليهم [١].

لقد تم القضاء على هذه الثورة بسرعة وأعقبها قتل عدد كبير من الطالبيين الذين اشتركوا فيها، وأتيح لبعض الثوار، ومن هؤلاء يحيى بن عبد الله وأخيه إدريس وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا، أن يهربوا ليكون لهم دور فاعل في تاريخ الحركة الزيديّة.

وكان لمجموعة من العوامل دور حاسم في فشل هذه الثورة: منها أولا اليأس الذي حدا بالطالبيين بالخروج قبل أن يكتمل التنظيم وتهيأ العدّة لذلك؛ وموقع الحجاز غير الملائم للخروج؛ ولا ننسى أنّ الهادي عمد في فترة حكمه على اتّباع سياسة أبيه فيما يخص الحجاز والتي تتمثل-كما ذكرت-باستمالة الأشراف وإغداق العطاءات وتعيين أهل المدينة في مناصب هامة في الدولة، وقد اعتمد العباسيّون على الزبيريين والانصار بشكل خاص وأذكوا عداوتهم على الطالبيين، مع أن الأنصار عامّة كانوا إلى جانب


[١] انظر كتاب المصابيح (ص ٢٩٢ فيما يلي)؛ وتاريخ الطبري ٨/ ١٩٤ (-٣/ ٥٥٥)؛ ويروي محمد بن صالح (هو على الأرجح ابن النطّاح-٢٥٢/ ٨٦٦، ينسب إليه كتاب «أخبار العبّاس وولده»، وهو مؤرخ عباسي الهوى) خبرا يتحامل فيه على العلويّين: أن أصحاب الحسين كانوا يأكلون في المسجد ويحدثون فملؤه قذرا ويولا (؟). . . وأنّ الحسين لما خرج عن المدينة جعل أهلها يدعون عليه. . . تاريخ الطبري ٨/ ١٩٥ (-٣/ ٥٦٦).

<<  <   >  >>