للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الصحافة بعد الاتفاق الودي]

أصبح الاتفاق الودي في سنة ١٩٠٤ عاملًا من العوامل الأساسية في تغيير الاتجاهات الصحفية وتنكب أصحاب الأقلام فيها عن سياستهم الأولى، فقد كانت نتيجة هذا الاتفاق فنور الحماسة الوطنية في نفوس الكثيرين، وقد فترت معها شدة معظم الصحف الوطنية "فالمؤيد" لانت سياسته و"الأهرام" التزمت جانب الحياد إلى حين، ولم تمض في سياستها الأولى إلا "اللواء" فقد أبت إلا أن تبلغ بهذه الأزمة القاسية ذروتها من حيث الجهاد الرائع واستكمال عناصر الوطنية وتوحيدها في نفوس المصريين، فبدأ مصطفى كامل يغذي في المصريين وطنيتهم ويحاول بمقالاته أن يحتفظ بحماستهم بالرغم من الخيانة الفرنسية للأماني المصرية، وذلك في وقت هزت الصدمة كبار الرجال وأذلت أعناقهم كما يقول، واتجه مصطفى كامل في لوائه اتجاهًا جديدًا، فالأمم الأوربية جميعًا، سواء في استعمارها، وهذه حقيقة -كما يقول- يجب أن يعرفها المصريون وتستلزم منهم الاعتماد على أنفسهم، وبولندة وأيرلندة أحسن مثلين لهم في الكفاح والحرص عليه١.

ولعل الفترة التي سبقت الاتفاق الودي كانت تحمل سيرة المؤيد واللواء معًا وكان "اللواء" على الجهد المبذول في تحريره وإخراجه لا يستطيع بلوغ ما كان عليه "المؤيد" من الذيوع والانتشار، فالمؤيد صحيفة إسلامية قديمة لها خطرها وقدرها في حياة المصريين والشرقيين جميعًا، وظهور "اللواء" لم يحد من نشاط "المؤيد" أو يحول دون قدره في نفوس الجماهير؛ لأنه لم يشبه


١ اللواء في ١٨ أبريل و٢٥مايو سنة ١٩٠٤، وفي العدد الأخير حملة على رياض باشا؛ لأنه مدح كرومر في احتفال مدرسة محمد علي الصناعية.

<<  <   >  >>