للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد العمراني يعلم؛ من حضر منهم علم. فمات السلطان أبو يوسف، وولي بعده السلطان أبو يعقوب يوسف فبقي كاتبا كما كان، إلى أن استبد بأمور أبي يعقوب كلها، وقلده الحجابة ورياسة الكتاب، ولم يزل كذلك إلى أن توفي أبو يعقوب، وولي بعده حفيده ابن ابنه، أبو ثابت عامر. فبقي على ذلك إلى أن مات أبو ثابت وولي أخوه لأبيه أبو الربيع سليمان، فبقي على ذلك إلى أن قتله أبو الربيع في عام عشرة وسبع مئة.

وأبو مدين شعيب والد عبد الله كان منخرطا في سلك المتصلحين، فصيح اللسان، وكان يصلي في بعض الأوقات بالسلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. وليس هو أبو مدين شعيب بن الحسين (١) الأنصاري الاشبيلي الأندلسي


(١) سيدي أبو مدين شعيب بن الحسين الأندلسي، اشتهر بشيخ المشايخ، قال فيه أبو الصبر شيخ مشايخ وقته: كان أبو مدين زاهدا فاضلا عارفا بالله تعالى. وقال التادلي: كان مبسوطا بالعلم مقبوضا بالمراقبة، كثير الالتفات بقلبه إلى الله تعالى حتى ختم بذلك. وكان من أعلام العلماء وحفاظ الحديث خصوصا جامع الترمذي وكان يقوم عليه. وكان يلازم كتاب الإحياء ويعكف عليه، وترد عليه الفتاوى في مذهب مالك فيجيب عنها في الحال. وكان شيخه أبو يعزى يثني عليه جميلا، ويخصه بين أصحابه بالتعظيم والتبجيل. قضى في الأندلس مدة من حياة الصبا، ثم ارتحل إلى المغرب، واستقر بفاس يتلقى علومه ويتعبد ويلتقي بالعباد الزهاد، فأخذ عن ابن حرزهم وابن غالب وغيرهما. ولزم الشيخ أبا يعزى الفقيه الزاهد، واستأذنه في الحج فأدى الفريضة ولقي سيدي عبد القادر الجيلاني ولبس منه الخرقة وقرأ عليه كثيرا من الحديث في الحرم. وعاد فاستوطن بجاية فاشتهر أمره وقصده الناس وطار صيته حتى وشى به بعضهم إلى أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي فاستقدمه الأمير ووصى صاحب بجاية أن يرفق به، فقال أبو مدين لأصحابه وتلاميذه-وقد تغيروا لطلب الأمير-أنا لا أرى السلطان ولا يراني!» =

<<  <   >  >>