للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسن الخلق مع الله عز وجل يقبل هذا التكليف، أو بعبارة أخرى: يقبل هذا التشريف، فهذه نعمة من الله عز وجل في الحقيقة، فالمؤمن يقبل هذه النعمة التي في صورة تكليف بانشراح صدر وطمأنينة، لكن سيئ الخلق مع الله يقابل مثل هذه العبادة بالضجر والكراهية، ولولا أنه يخشى من أمر لا تحمد عقباه، لكان لا يلتزم بالصيام (١).

قلت: وعلى هذا يقاس الحج والزكاة والصلاة وتحريم الربا ونحو ذلك، فحسن الأدب مع الله سبحانه التسليم المطلق لآيات الله وأحكامه، بأن يؤمن بأن ما جاء عن الله -سبحانه وتعالى- فيه الحكمة والعلم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} [الأحزاب: ٣٦]، ثم بعد القبول التنفيذ والتطبيق.

ومنتهى سوء الأدب أن يظن العبد في نفسه العلم، وفي ربه الجهل، أو في نفسه الصواب وفي ربه الخطأ.

٣ - تلقي أقدار الله تعالى بالرضا والصبر:

المسلم العاقل يتلقى أقدار الله بالرضا والصبر، فالمرض مثلًا لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحبُّ أن يكون صحيحًا مُعَافى، وكذلك الفقر لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحب أن يكون غنيًّا، وكذلك الجهل لا يلائم الإنسان، فالإنسان يحب أن يكون عالمًا، لكن أقدار الله عز وجل تتنوع لحكمة يعلمها الله سبحانه، منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته، ومنها ما لا


(١) "المصدر السابق" (٢٧٦).

<<  <   >  >>