للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَسِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَم قَرَأَ ذَلِكَ عَمداً" (١).

قال الشوكاني -رحمه الله-:

"تَرَدَّدَ الصحَابِيُّ في إِعَادَة النبِي - صلى الله عليه وسلم - للسورةِ هل كَانَ نِسيَانًا؛ لكونِ المُعتَاد من قِرَاءَته أن يَقرَأ في الركعَة الثانِيَة غير ما قَرَأَ به في الأُولَى، فلا يكون مشروعًا لأُمَّتِهِ، أَو فَعَلَهُ عَمداً لبَيَانِ الجَوَاز، فَتَكُون الإعَادَة مُتَرَددَة بَين المَشرُوعِية وَعَدَمهَا، وإذا دارَ الأمر بَين أن يَكُون مشرُوعاً، أَو غَير مَشرُوع، فحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على المشرُوعِية أَولَى؛ لأن الأصل في أَفعاله التشرِيع، والنسيَان على خلاف الأصل" (٢).

قلت: والظاهر فعل ذلك عمداً للتشريع، وما هذا الفعل إلا من باب تدبر عظم السورة لما عليه الحال يوم القيامة.

ثانيًا: فعل السلف الكرام وتطبيقهم العملي للتدبر:

سار السلف الصالح على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في التدبر من الوقوف على معاني الآيات والبكاء عندها، والعمل بمقتضاها.

عن أَبي سعيدِ الخُدريّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقرَأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} يُرَددُهَا، فَلَمَّا أَصبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَن الرجُلَ يَتَقَالُّهَا، فقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالذي نَفسِى بِيَده، إِنهَا لَتَعدِلُ ثُلُثَ


(١) أخرجه أبو داود (٨١٦) في كتاب الصلاة، باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين.
قَالَ الشوكاني فِي "نيل الأوطار" (٢/ ٢٥٤): لَيس فِي إِسناده مَطعَن، بَل رِجَاله رِجَال الصحِيح.
(٢) "نيل الأوطار" (٢/ ٢٥٤).

<<  <   >  >>