للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنهما- فقال: "اقرأه في سبع"، هذا آخر ما أمره به، وقال: "لا يفقه من قرأه في أقلّ من ثلاث"، ولم يقل: إلا في رمضان، فحَملُ بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر، والأقرب -والله أعلم- أن المشروع للمؤمن: أن يعتني بالقرآن ويجتهد في إحسان قراءته، وتدبر القرآن والعناية بالمعاني، ولا يعجل، والأفضل أن لا يختم في أقلّ من ثلاث، وهذا الذي ينبغي حسبما جاءت به السُّنة، ولو في رمضان" اهـ.

قلت: وقول العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- هو الراجح الموافق للسنة إدراكًا وتدبرًا، وفهمًا مع الإجابة.

١٢ - تحسين الصوت بالقراءة، والنهي عن القراءة بالألحان المطربة:

يدل على ذلك ما رواه البَراءُ أنه قال: سَمِعتُ النبِي - صلى الله عليه وسلم - يَقرَأُ في العِشَاءِ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، فَمَا سَمِعتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوتًا، أَو قِرَاءَةَ مِنهُ (١).

وفي استحباب تحسين الصوت بالقراءة أحاديث صحيحة، منها:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَم يَأذَنِ اللهُ لِشَيءٍ مَا أَذِن لِلنبيِّ أن يتَغَنَّى بِالقُرَآنِ" (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيسَ منا مَن لَم يتَغَنَّ بِالقُرآنِ" (٣).

أي ليس منا من لم يحسن صوته بالقرآن، والمراد من تحسين الصوت والتغني بالقرآن تحزينه والتخشع به، ولا يعني هذا إخراج القراءة عن حدها المشروع من تمطيط الكلام، وعدم إقامته، والمبالغة فيه حتى ينقلب لحنًا،


(١) أخرجه البخاري (٧٥٤٦ - فتح) في كتاب التوحيد، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الماهر.
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٢٣) في كتاب فضائل القرآن، باب: من لم يتغن بالقرآن.
(٣) صحيح. أخرجه أبو داود (١٤٦٩)، وصححه الألباني في "صحيح أبى داود" (١٣٠٤).

<<  <   >  >>