للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومِن أعجب ما قرأتُ في السيرة النبوية من جمال التوقير، وحسن التقدير: قصة نزول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عندما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة في الهجرة، ونزل في دار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -، قال أبو أيوب: لما نزل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي نزل في السُّفْل، وأنا وأم أيوب في العُلو، فقلتُ له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إني أكره وأعظم أن كون فوقَك، وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل. فقال: "يا أبا أيوب إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن أكون في سفل البيت"، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفله، وكنا فوقه في المسكن، فلقد انكسر حُبٌّ لنا فيه ماء، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة ما لنا لحافٌ غيرها ننشف بها الماء، تخوفاً أن يقطر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه شيء فيؤذيه (١).

قلت: فهل وقف العقلاء عند خوف أبي أيوب - رضي الله عنه - من تلك القطرة، وتأملها حق التأمل وأنزلها على الواقع فيرى العجب، ولا تظن أيها (القارئ) أنها اختصت بقوم كانوا فبانوا، فالحديث لك، والله المستعان.

٦ - موالاةُ من يوالي - صلى الله عليه وسلم -، ومعاداةُ من يعادي، والرضا بما يرضى به.

قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ


(١) أخرجه ابن إسحاق كما في السيرة لابن هشام (٢/ ١٤٤) بسند حسن انظر كتابنا "روائع القصص النبوي" (٨٤).

<<  <   >  >>