للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* التفريق بين العالم والمفكر والواعظ:

ليس كل قارئ للعلوم الشرعية يعد فقيهًا، وليس كل من ملك مكتبة كبيرة من شتى الفنون، يعتبر إمامًا، ولا كل من تخصص في العلوم الإنسانية يكون عالمًا بالشريعة والفقه، فالقراءة، والوعظ، والبلاغة شيء، والفقه والاستنباط، ومعرفة أحكام النوازل شيء آخر.

فالمفكر -وربما الواعظ- لا يصدق فيهم مسمى العالم، ولا يصح أن يطلق عليهم علماء.

قال الإمام الذهبي -رحمه الله-:

"قوم انتموا إلى العلم في الظَّاهر، ولم يُتِقِنُوا منه سوى نزرٍ يسيرٍ، أَوهمُوا به أنهم علماء فضلاء، ولم يَدُر في أذهانهم قَطُّ أنهم يتقرَّبون به إلى الله، لأنهم ما رأوا شيخًا يُقتدى به في العلم، فصاروا همجاً رَعاعاً، غايةُ المدرِّس منهم لأن يحصل كتباً مُثَمَّنَة يَخزُنُها، وينظُر فيها يوماً ما، فيصحفَّ ما يُورده ولا يُقَرِّره، فنسأل الله النجاة والعفو" (١).

وقال العلامة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-:

"إن وجود المثقفين والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها، وهؤلاء قُراء وليسوا فقهاء، فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله، والعبرةُ بالحقائق لا بالألقاب، فكثير ممن يجيدون الكلام ويستميلُ العوام وهو غير فقيه، والذي يكشف هؤلاء أنَّه عندما تحصلُ نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها، فإن الخطباء والمتحمسين تتقاصر أفهامهم،


(١) "سير أعلام النبلاء" (١١/ ١٥٣).

<<  <   >  >>