للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جَماعة الكناني: "أن يتخلق بالزهدِ في الدنيا والتقلُّل منها بقَدرِ الإمكان الذي لا يضرُّ بنفسه أو بعياله؛ فإن ما يحتاج إليه لذلك على الوجه المعتدل من القناعةِ ليس يعد من الدنيا، وأقل درجاتِ العالم أن يستقذرَ التعلقَ بالدنيا؛ لأنهُ أعلمُ الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونصبها؛ فهو أحسن بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها" (١).

والخلاصة أن الزهد لا يعني رفض الدنيا والتجافي عنها بالكلية من طيب الطعام، أو الزواج، أو المال، "وليس المراد رفضها من الملك فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والملك والنساء مالهما، وكان نبينا من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة، وكان علي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وعثمان -رضي الله عنهم- من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال .. ، ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن، أو غيره: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة -إذا أصبت بها- أرغب منك فيها لو لم تصبك فهذا من أجمع كلام في الزهد وأحسنه" (٢).

٨ - الإخلاص في التعليم والنصح:

الإخلاص لغة: تنقية الشيء وتهذيبة (٣).


(١) "تذكرة السامع والمتكلم" (٣٥).
(٢) "مدارج السالكين" (٢/ ١٥).
(٣) تقدم تعريفه والمصدر.

<<  <   >  >>