للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصبر أحد الأركان الأساسية التي يقوم عليها الخلق الحسن، والصبر يربي المرء على الاحتمال، وكظم الغيظ، وكف الأذى، والحلم، والأناة، والرفق، وترك الطيش والعجلة.

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: "حسن الخلق يقوم على أربعة أركان، لا يتصور قيام ساقه إلا عليها: الصبر، والعفة، والشجاعة، والعدل" (١).

وقال: "وهو على ثلاثة أنواع: صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله.

فالأول: صبر الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المُصَبِّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه كما قال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧].

والثاني: الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله، وإرادة وجهه، والتقرب إليه لا لإظهار قوة النفس، والاستحماد إلى الخلق.

الثالث: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية. صابرًا نفسه معها، سائرًا بسيرها .. أين ما توجهت ركائبها" (٢).

"والشكوى إلى الله عز وجل لا تنافي الصبر، فإن يعقوب عليه السلام قال: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦].

إنما ينافي الصبر شكوى الله، لا الشكوى إلى الله" (٣) كما هو حال بعض المسيئين الأدب في شكواهم وتسخطهم من قضاء الله وقدره، فالله المستعان.


(١) "مدارج السالكين" (٢/ ٢٩٤).
(٢) "مدارج السالكين" (٢/ ١٥٦).
(٣) "مدارج السالكين" (٢/ ١٦٠) بتصرف.

<<  <   >  >>