للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الماوردي: "وليس لمن قل صبرُه على طاعة الله تعالى حظٌّ من بِرّ، ولا نصيبٌ من صلاح، ومن لم يَرَ لنفسه صبرًا، يكسبها ثوابًا، ويدفع عنها عقابًا، كان مع سوء الاختيار بعيدًا من الرشاد، حقيقًا بالضلال" (١).

وعلى العاقل احتساب الأجر عند الله عز وجل، فهذا الأمر من أعظم ما يعين على اكتساب الأخلاق الفاضلة، وتحمل أذى الناس؛ فإذا أيقن المسلم أن الله سيجزيه على حسن خلقه ومجاهدته؛ سيهون عليه ما يلقاه في ذلك السبيل؛ قال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٦].

وقال سبحانه: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)} [الإنسان: ١٢].

[٩ - التواصي بحسن الخلق]

وذلك ببث فضائل حسن الخلق، وبالتحذير من مساوئ الأخلاق، وبنصح المبتلين بسوء الخلق، وبتشجيع حسني الأخلاق، فحسن الخلق من الحق، والله سبحانه يقول: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر: ٣].

وكان الرجلان من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهُما على الآخر: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)} ـ، ثم يُسلم أحدهما على الآخر (٢).

وفي الأثر فائدة التواصي بالحق والصبر باستذكار قراءة سورة العصر.


(١) "أدب الدنيا والدين" (٤٥٤).
(٢) صحيح. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٥١٢٤)، وصححه شيخنا الألباني في "الصحيحه" (٢٦٤٨).

<<  <   >  >>